القائمة الرئيسية

الصفحات

تحت سيف الحذر: هل تصمد تشاد أمام طوفان المثليّة العالميّة؟



عالمنا اليوم، حيث تشهد ظاهرة المثليّة الجنسيّة ازدهاراً وانتشاراً لم يسبق له مثيل، تقف جمهورية تشاد كمراقب صامت ومقاوم في وجه هذا التيار الجارف. إن الضجيج الذي أثارته هذه الظاهرة، حيث عَلت أصوات داعميها وارتفعت راياتها في مدن الغرب والشرق على حد سواء، لم يجد في هذه الأرض البكر التي أُبقيت خارج عجلة "التطور" الغربي، سوى صدًى خافت. فهل يمكن لبلدٍ كتشاد أن يكون الحصن الأخير في مواجهة موجات هذا الفكر الجديد الذي يقتحم حدود الأمم بلا هوادة؟



تشاد، تلك الدولة التي تمتد بين الصحراء الكبرى ومناطق السافانا، تقف وكأنها "أسطورة قديمة" تحاول صد كل ما هو غريب أو دخيل عن طبيعتها الأولى. وليست المثليّة الجنسيّة مجرد استثناء؛ فهي في نظر شعبها ظاهرة لا تعكس سوى تغيّر العصر، ليس لرفضها نتيجة عقيدة دينية صارمة أو رؤية مجتمعية مرجعية كما قد يكون الحال في بلدان أخرى. بل إن السبب وراء صد هذه الظاهرة يبدو أبسط مما قد يتخيله العقل، عقلٌ لم يتلوث بأدوات العصر الحديث ولا أزماته الفكرية المعقدة. الشعب التشادي، ببراءته الأصيلة و"طفولته المجتمعية"، لم يُبدِ اهتماماً يُذكر بهذه التوجهات؛ لأنه ببساطة لا يرى في المثليّة انعكاساً لأي جزء من طبيعته أو رغباته.



لكن في الوقت الذي اجتاح فيه هذا التوجه العالم، من المدن الأمريكية الشاهقة إلى دول الشرق الأقصى، مرورا ببعض بلدان المشرق العربي، يبقى السؤال: كيف حافظت تشاد وشعوب جنوب الصحراء الكبرى على هذا الحصن المنيع أمام ما يمكن اعتباره "السلعة الفكرية" الأحدث في الأسواق الثقافية العالمية؟ 



لعل الإجابة تكمن في بساطة هذه المجتمعات، التي لم تتأثر بما يكفي بالعالم الخارجي وأدواته الحديثة. هذه البساطة التي لا تتعلق فقط بطبيعة العيش، بل أيضاً بنقاء الفكر والروح. تشاد، هذا البلد الذي ما زال يشكل جزءاً من العالم غير الملوث بما فيه الكفاية بظواهر العصر، تظلّ مقاومته الفطرية للمثليّة قائمة على تصوراتٍ لم تتغير منذ الأزل؛ تصورات تُعلي من شأن الطبيعة الأولى التي خُلق الإنسان عليها.


فبينما تتوارى هذه الظاهرة خلف مسميات جديدة وتستتر في طيّات الخطابات السياسية والاجتماعية الحديثة في بعض الدول، تبدو جمهورية تشاد وكأنها ما تزال تحتفظ ببراءتها الفكرية ورفضها الفطري لهذه التحولات. هنا، وفي هذا البلد الذي لم يختبر بعد كل ظواهر "التقدم" التي شملت العالم، تبدو المثليّة وكأنها قصة غريبة لا تحمل معها أي معنى بالنسبة لهذا الشعب الذي لم يزل يعيش طفولته المجتمعية.



إنها مقاومة قد تبدو بسيطة، لكنها تحمل في طياتها قوةً تستمد جذورها من عمق الطبيعة البشرية. وفي ظل هذه المقاومة، تتساءل العقول: هل ستظل تشاد أرضاً بكرًا تقف صامدة أمام هذا الطوفان الفكري، أم أن الزمن سيجلب معها رياح تغيير لا مفر منها؟

تعليقات