القائمة الرئيسية

الصفحات




طارق محمد
على كثر جلساتي مع أصدقائي التي أكون حينها مستمتعا جدا بالجلوس معهم والحديث إليهم , ولكن هناك مشكلة متكررة تعكر علي صفو الجلسة ولن أبالغ إن قلت يفسد يومي بأكمله من جراء كلمة يتداولونها باستمرار على سبيل المزاح وأنا أشك في أنه مزاح عندما يقول أحدهم للأخر يا أزى وبصورة تلقائية لا إرادية أجدني أسرح بالتفكير في مقصد هذا الأخ الفاضل من إلقاء تلك الكلمة وربطها بموقف الاستهزاء والاحتقار وإثارة غضب الاخر مع علمي المسبق بأن مهنة الحداد مهنة شريفة يجني الحداد منها قوته وقوت أطفاله , بالنسبة لي الأمر لم ينتهي عند هذا الحد ولذك استفسرت من بعض أصدقائي وزملائي وغيرهم عن هذه العبارة وخلصت إلى أن المشكلة ليست وليدة اليوم ولا حتى البارحة وإنما لها جذور غاية في المتانة في تاريخ تشاد الحافل بالحروب والعنف وكثير من الاحداث الدامية والمغلفة بأفخر انواع العنصرية والتمييز الذي أدى أيضا إلى نشوء هذه الظاهرة بين بني تشاد . هذه من ناحية ومن ناحية أخرى فكلمة حداد تعتبر وصمة عار وشنار إلى درجة أن بعض القبائل قد تعدها من السبع الموبقات , ومن صور هذا التهميش الحاصل للحدادين (الأزى) منعهم من الاندماج أو التزاوج مع القبائل الأخرى , وبدورها القائل تجدهم يمنعون شبابهم وبناتهم من الزواج من الحدادين كما يسمونهم لأن الحداد في نظرهم ليس بمستوى البشر من الأساس , وقبيلة القرعان قد استأثرت بنصيب الأسد من ممارسة هذا النوع من التمييز . أحد الأخوة عندما سألته عن جذور المشكلة قال حدث أن جماعة من قبيلة السارا شنت حربا على إقليم كانم فهب الجميع من أبناء المنطقة لصد الهجوم إلا مجموعة من الذين لم يخرجوا وآثروا الجلوس على أن يحاربوا معهم فلما تمكنوا من صد الهجوم هنا بدأت قصة الحدادين.ولم أعرف لهم في بحثي عن تاريخهم أي معلومات أخرى ولكن هذا لا يعني أن نرضى ونسلم بالوضع القائم

وهنا سؤال مطروح ماذا سيكون موقف الحداد من هذا الوضع المذل المفروض عليه وعلى ابنائه إلى يوم القيامة كما عبر لي احدهم ؟؟؟!
إذا أن الأزى ليس عليه عتب إن أضمر الحقد والعداء على من مارس ضده هذا العمل كردة فعل طبيعية في ظل ما يراه من الظلم الواقع عليه وقبل ذلك أباءه وأبناءه مستقبلا . وأنا من وجهة نظري الشخصية أرى بأن هذا العمل منافي لسماحة الإسلامية جملة وتفصيلا ويتعارض كذلك مع التنمية الفكرية والعلمية والمؤسف أن هذه العقيدة متجذرة في أدمغة بعض أعيان قبائل وعدد من شاغلي المناصب الكبرى . كذلك هذه الممارسات تساهم في إعطاء الباحثين فكرة عامة ومسبقة عن مدى غياب التشاديين عن نور الإسلام والعلم طالما لم تترك هذه الفئة وشأنها على أقل تقدير . وبمجرد تسليط الضوء على الملف كفيل بأن يجعل الشعب التشادي يدرك مدى تخلفه عن طريق التطور و النماء بين الامم .

تعليقات